“الموت البطيئ”.. لاجئون سوريون يستغيثون من الحبس في الدنمارك
"الموت البطيئ".. لاجئون سوريون يستغيثون من الحبس في الدنمارك
واجه عشرات اللاجئين السوريين الاحتجاز إلى أجل غير مسمى في الدنمارك وسط
مخاوف من ترحيلهم إلى دمشق.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز“، فإن هؤلاء السوريين باتوا “في طي النسيان”
بعد أن ألغت الدنمارك تصاريح الإقامة لهم ونقلتهم لمراكز ترحيل، حيث تخضع
تحركاتهم لرقابة مشددة. وفي الوقت ذاته، لا تستطيع الدنمارك ترحيلهم؛ لأنها لا
تقيم علاقات دبلوماسية مع سوريا.
“إن الوجود هنا يشبه الموت ببطء”، هكذا يقول هيثم كردي، وهو سوري يبلغ من
العمر 61 عاما يقبع منذ 6 أشهر في مركز ترحيل بالدنمارك.
قال كردي في مقابلة أجريت معه مؤخرا من غرفته الصغيرة بمركز
“كايرشوفيدجارد” في بلدة إيكاست شمال الدنمارك، إن احتمال العودة إلى سوريا
مرعب للغاية.
ويقول أقاربه إنه أصيب بالاكتئاب وبالكاد يأكل، كما أنه يعاني من التشنجات
اللاإرادية وبدأ يتحدث إلى نفسه.
فر كردي من الحرب الأهلية السورية عام 2015، بعد سنة واحدة من وصول ابنه
محمد. في البداية حصل كردي على حق اللجوء المؤقت، لكن السلطات ألغت
تصريح إقامته العام الماضي بعد أن رأت أنه من الآمن له ولآخرين من منطقة
دمشق العودة إلى ديارهم.
وأصبحت الدنمارك أول دولة أوروبية تحكم بأن بعض اللاجئين السوريين لا
يستحقون اللجوء، على الرغم من مخاطر العودة لبلادهم.
وقال الأستاذ بقانون اللاجئين بجامعة كوبنهاغن، توماس غاميلتوفت-هانسن إن
هدف الدنمارك هو ردع طالبي اللجوء عن القدوم أو الإقامة.
وأضاف: “لقد أصبح الردع غير المباشر استجابة منهجية من الدول الأوروبية فيما
يتعلق بالأزمة السياسية الحالية بشأن اللجوء في أوروبا. كانت الدنمارك في
المقدمة والملهمة لبقية الدول”.
ومع تضخم أزمة اللاجئين الجديدة في أوروبا، أثار الترحيب الحار بالأوكرانيين الفارين من الغزو الروسي المرارة في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يشعر الكثيرون أن الدول الأوروبية اتخذت موقفا أكثر تعاطفا تجاه الوافدين الجدد أكثر مما كانت عليه في السنوات الأخيرة تجاه طالبي اللجوء العرب والمسلمين والأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى شواطئ أوروبا الآمنة.
وقال المتحدث باسم الحكومة الدنماركية، راسموس ستوكلوند، إنه لا ينبغي إعادة أي سوري إذا واجه خطرا.
وتابع: “مرحبا بك هنا طالما أنك بحاجة إلى الحماية. وبمجرد ألا تحتاج إلى الحماية، عليك العودة إلى بلادك”.
ويحق لجميع السوريين الذين تم إلغاء تصاريح إقامتهم الاستئناف ضد القرار، حيث تحكم هيئة من ثلاثة قضاة في كوبنهاغن بشأن هذه الطعون.
وعادة ما يتم إرسال أولئك الذين يستنفدون جميع السبل القانونية إلى مراكز الترحيل مثل المركز الذي يقيم فيه كردي الآن.
يقول خبراء أمنيون وحقوقيون إن تقييم الدنمارك للوضع الأمني في منطقة دمشق يحرف بشكل صريح مخاطر العودة بينما يظل بشار الأسد متواجدا في السلطة.
وبحسب جماعات حقوق الإنسان، تعرض العائدون إلى سوريا للابتزاز والتعذيب والعنف الجنسي والاختفاء القسري.
ودعت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى عدم إعادة السوريين “إلى أي جزء من سوريا”.
وأثارت إجراءات الدنمارك قلق العديد من المشرعين الأوروبيين، فيما قالت بعض الدول الأوروبية منها بريطانيا، إن سوريا لا تزال غير آمنة للعائدين.
بالنسبة للكثيرين ممن فقدوا تصاريح إقامتهم، فإن العودة إلى سوريا غير واردة، كما هو الحال مع كردي.
وقالت أسماء الناطور، وهي سورية تبلغ من العمر 51 عاما، أُرسلت إلى مركز لجوء في بلدة “هولستبرو” الشمالية مع زوجها عمر، “لن نعود طالما بقي بشار هناك. لكننا سنعود بمجرد رحيله”.